تشهد الساحة السياسية في السويد واحدة من أكثر مراحلها اضطراباً منذ عقود، بعد أن أظهرت أحدث استطلاعات الرأي تراجع حزب المعتدلين (Moderaterna) إلى أدنى مستوى شعبيته منذ عام 1979، في تطور يهدد مكانة رئيس الوزراء أولف كريسترشون وحكومته اليمينية قبل عام فقط من الانتخابات العامة المقبلة.
تراجع تاريخي يثير القلق
البيانات الجديدة أظهرت أن الحزب لم يحقق سوى 17.9٪ من نوايا التصويت، وهو رقم يُعد الأسوأ منذ نهاية السبعينيات. ويأتي هذا الانخفاض امتداداً لاتجاه تنازلي مستمر منذ مطلع 2024، وسط تصاعد الانتقادات لسياسات الحكومة في مجالات الاقتصاد، الجريمة، والهجرة.
انقسام داخلي وتراجع الثقة
مصادر من داخل الحزب تحدثت عن حالة من “القلق والتعب السياسي” تسود صفوف المعتدلين، حيث يشعر كثير من الأعضاء أن الحزب فقد تواصله مع الطبقة المتوسطة والمهنية التي شكّلت عماد قاعدته الانتخابية لعقود.
أحد البرلمانيين السابقين علّق قائلاً: “الأزمة لا تتعلق بالأرقام فحسب، بل بالثقة. الناس لم يعودوا يرون في الحزب صوتهم الحقيقي كما في السابق”.
تراجع شامل في التحالف اليميني
الأزمة لا تقف عند حدود المعتدلين، إذ أظهرت الأرقام أيضاً تراجعاً في تأييد حزب ديمقراطيو السويد (SD)، ما أضعف التحالف الحاكم بأكمله. في المقابل، استعادت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية زخمها، ما أدى إلى تغير واضح في ميزان القوى السياسية.
ويرى مراقبون أن الناخبين بدأوا يفقدون الثقة بوعود الحكومة بشأن “الصرامة في الأمن والهجرة”، بعد أن تحولت تلك الوعود إلى نتائج محدودة على أرض الواقع.
كريسترشون يقلل من شأن الأزمة
رئيس الوزراء كريسترشون حاول تهدئة الأجواء قائلاً إن “استطلاعات الرأي مجرد صورة مؤقتة”، مؤكداً أن حزبه قادر على استعادة الثقة عبر “العمل الجاد على القضايا التي تهم الناس”.
لكن خلف الكواليس، تدور نقاشات حادة حول ضعف الخطاب السياسي، وغياب استراتيجية إعلامية واضحة، ما يجعل من الصعب إعادة جذب الناخبين المحافظين.
الأسباب الرئيسية للتراجع
-
ضعف الأداء الحكومي: خصوصاً في قضايا الأمن وغلاء المعيشة.
-
توتر التحالف مع SD: الذي يضع الحزب في موقف صعب بين قاعدته التقليدية وحلفائه الشعبويين.
-
فقدان الهوية الاقتصادية: مع تضاؤل الثقة بقدرة الحزب على إدارة الاقتصاد كما في السابق.
-
تحول المزاج العام: حيث ينجذب الشباب أكثر نحو أحزاب اليسار والخضر.
التاريخ يعيد نفسه
تشبه الأوضاع الحالية ما حدث عام 1979 حين فقد الحزب شعبيته بشكل مفاجئ ودخل مرحلة طويلة من المعارضة. ويخشى محللون أن يتكرر السيناريو ذاته إذا فشل كريسترشون في استعادة الزخم قبل خريف 2026.
المستقبل السياسي على المحك
الهبوط الكبير في نسب التأييد قد يعيد تشكيل التحالفات السياسية في السويد. فالمعارضة تبدو في موقع قوي للعودة إلى الحكم، بينما قد يحاول كريسترشون إجراء تعديلات وزارية أو طرح إصلاحات سريعة في ملفات الأمن والهجرة لتهدئة الرأي العام قبل الانتخابات.
المصدر: SVT






