في وقت تتصاعد فيه شكاوى المرضى وتزدحم المراكز الصحية بالمنتظرين، تكشف أرقام جديدة أن نظام الرعاية الأولية في السويد يسير نحو منعطف خطير. فبدلاً من تحقيق الهدف الوطني بوجود طبيب واحد لكل 1100 شخص، أصبح الطبيب الواحد اليوم مسؤولاً عن نحو 1750 مريضاً، في مؤشر واضح على اتساع الهوّة بين الخطط والواقع.
الصورة أكثر قتامة في أوريبرو وفسترنورلاند، حيث يتجاوز عدد السكان لكل طبيب 2300 شخص. وترى نقابة الأطباء أن السبب الجوهري هو ضعف الإقبال على التخصص في طب الأسرة، إلى جانب امتناع بعض المناطق عن توظيف العدد المطلوب من الأطباء، ما يجعل الأزمة مرشحة للتفاقم دون حلول جذرية.
الدكتورة شادي غورباني من أطباء المناطق تصف التأثير المباشر لهذه الفجوة على المرضى بوضوح مؤلم؛ فالمريض غالباً ما يضطر لرؤية طبيب مختلف في كل زيارة، ليعيد سرد تاريخه المرضي من جديد، بينما قد تضيع مؤشرات مهمة في غياب المتابعة المستمرة. وتؤكد غورباني أنه «لو توافرت رعاية متواصلة مع طبيب واحد، لكان يمكن اكتشاف نصف الحالات المتأخرة في وقت أبكر».
خصخصة واسعة تعقّد المعادلة
وفي سكونه، تبدو الطريق نحو تحقيق الهدف الوطني طويلة وشاقة. فالمنطقة تضم 181 مركزاً صحياً، نصفها تقريباً بيد شركات خاصة لا تمتلك السلطات إشرافاً كاملاً على عملها، ما يصعّب تنظيم الجهود. وتشير التقديرات إلى أن سكونه تحتاج إلى 500 طبيب أسرة إضافي فقط للبدء في الاقتراب من المستوى المطلوب.
ليزا فلينت، رئيسة لجنة الرعاية الأولية في المقاطعة، تقول إن تحقيق الهدف قد يستغرق عشر سنوات، مضيفة أن التعاون مع القطاع الخاص ضروري، وأن المقاطعة تعمل حالياً على وضع خطط إلزامية لجميع المراكز لتوحيد آليات العمل.
مطالب متصاعدة… وحذر حكومي
ومع اتساع الفجوة، تطالب نقابة الأطباء بتدخل حكومي مباشر يشمل:
• تشريع يضمن طبيباً ثابتاً لكل مريض
• إلزام المناطق بالالتزام بالهدف الوطني
• زيادة مقاعد التدريب في تخصص طب الأسرة
لكن وزيرة الصحة إليزابيت لان تبدي تحفظاً على زيادة الدعم المالي مرة أخرى. فبرأيها، رغم ضخ الحكومة 18 مليار كرون لتقليص قوائم الانتظار وتعزيز الرعاية الأولية، «لم تظهر نتائج قابلة للقياس». وتشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد شروطاً أكثر صرامة: التمويل سيُقدّم فقط لمن يلتزم باستراتيجية واضحة، وإلا فلن يحصل على دعم إضافي.
وفي بلد اعتاد أن يفتخر بمتانة نظامه الصحي، يبدو أن المشكلة لم تعد في جودة الأطباء، بل في قِلّتهم. وإذا استمر الوضع على حاله، قد يجد السويديون أنفسهم قريباً ينتظرون ليس دوراً عند الطبيب… بل فرصة للعثور على طبيب أصلاً.
المصدر: TV4





