في بلد يُعتبر من أكثر الدول تقدماً رقمياً في العالم، تتراجع السويد بسرعة عن استخدام النقود الورقية والمعدنية، حتى بات الدفع عبر التطبيقات والهوية البنكية هو القاعدة لا الاستثناء. لكن هذا التقدم الرقمي المذهل بدأ يثير قلقاً متزايداً لدى خبراء الاقتصاد والسلطات النقدية، الذين يرون في “المجتمع بلا نقود” نقطة ضعف خطيرة في أوقات الأزمات.
تحول سريع نحو الرقمنة
تشير الإحصاءات إلى أن نحو 90٪ من المعاملات اليومية في السويد تتم رقمياً، في حين يتناقص عدد السحوبات النقدية تدريجياً، وتتقلص شبكة الصرافات الآلية عاماً بعد عام. ومع هذا التغير الكبير، يُطرح سؤال جوهري: هل تملك السويد نظاماً احتياطياً آمناً إذا انهارت المنظومة الرقمية؟
مخاطر خفية وراء اللمسة الرقمية
الاقتصاديون يحذرون من أن النقود ليست مجرد وسيلة دفع، بل “خطة طوارئ” لا غنى عنها. ففي حال وقوع خلل تقني، أو انقطاع للكهرباء، أو هجوم إلكتروني واسع، قد تتوقف الحركة المالية بالكامل في بلد يعتمد بنسبة شبه كاملة على الأنظمة الرقمية.
ويشير محللون إلى أن كبار السن والمقيمين في المناطق الريفية هم الأكثر تضرراً، إذ ما زال كثير منهم يعتمدون على التعاملات النقدية في حياتهم اليومية.
تحذيرات رسمية وصرخات استباقية
البنك المركزي السويدي (Riksbanken) دق ناقوس الخطر، مطالباً بوضع تشريعات جديدة تُجبر بعض المؤسسات والمتاجر على الاستمرار في قبول الدفع النقدي، حفاظاً على ما يسميه “النسخة الاحتياطية للنظام المالي الوطني”. كما أكدت جهات تنظيمية أن سرعة التحول الرقمي فاقت قدرة المجتمع على التكيّف معه بأمان.
واقع ميداني مقلق
تزايد شكاوى المواطنين من صرافات آلية “خارج الخدمة” ومن متاجر لم تعد تقبل النقود على الإطلاق، كشف عن جانب مظلم في هذا التحول. يشعر كثيرون أن السويد تسير نحو مستقبل قد يُقصي فئات كاملة من المواطنين، ويجعلها أكثر هشاشة أمام الأزمات التقنية أو السيبرانية.
المصدر: صحيفة Expressen السويدية






