العودة الطوعية في السويد.. عرض “سخي” أم رسالة مبطنة للرحيل؟

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاجتماعية، أعلنت الحكومة السويدية عن رفع بدل العودة الطوعية إلى ما يصل لـ 600 ألف كرونة للأسرة الواحدة، بدءاً من مطلع عام 2026. المبادرة التي وُصفت بأنها “الأكبر في تاريخ السويد” من حيث القيمة المالية، لم تلقَ الحماس المتوقع، بل واجهت رفضاً متزايداً من البلديات وضعفاً واضحاً في الإقبال.

لماذا لا يعود الناس رغم المبلغ الكبير؟

رغم السخاء المالي، يرى كثيرون أن القرار يتجاهل عوامل الانتماء والاندماج التي أصبحت أعمق من أي حافز مادي. فالكثير من المقيمين في السويد بنوا حياة مستقرة تشمل عملهم، مدارس أطفالهم، وروابطهم الاجتماعية، مما يجعل فكرة العودة “غير واقعية” بالنسبة لهم.

أما آخرون فيرون أن الخوف من المستقبل في بلد المنشأ أقوى من أي دعم مالي، خصوصاً حين ترتبط العودة بالمخاطر أو غياب الأمان والفرص هناك.

من ناحية إدارية، تُعتبر إجراءات التقديم معقّدة ومليئة بالشروط الدقيقة مثل ضرورة امتلاك جواز سفر ساري، وتسوية الديون، والإبلاغ المسبق عن النية في العودة. وهذا ما يجعل فئة محدودة فقط مؤهلة فعلياً.

البلديات تقول: لا شكرًا

عدة بلديات سويدية أعلنت صراحة رفضها التعاون مع الحكومة في تطبيق برنامج العودة الطوعية.

  • Jokkmokk كانت أول من رفض المشاركة مؤكدة أن سياستها تقوم على مبدأ “نحن جميعاً بغضّ النظر عن الأصل”.

  • Skellefteå اتخذت موقفاً مماثلاً، مشيرة إلى أنها تحتاج للمزيد من السكان لا المغادرين.

  • بلديات أخرى مثل Växjö وGotland أبدت تحفظات مشابهة، معتبرة أن التنوع السكاني “ثروة محلية لا تُفرَّط”.

الحجج التي قدمتها البلديات تتراوح بين الحاجة للأيدي العاملة في قطاعات الصحة والرعاية، إلى الاعتبارات القيمية التي ترى أن “تشجيع العودة” لا يتماشى مع روح المساواة والانفتاح التي تميّز السويد.

محتوى مرتبط:  هل يمكن أن يجتمع الخصمان؟ 4 من كل 10 سويديين يؤيدون حكومة مشتركة بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين

تفاصيل النظام الجديد

في النظام الحالي (الذي ينتهي بنهاية 2025)، يحصل الفرد البالغ على 10 آلاف كرونة والطفل على 5 آلاف كرونة، بحد أقصى نحو 40 ألفاً للأسرة.
أما النظام الجديد فسيرفع المبلغ إلى 350 ألف كرونة للفرد البالغ وحتى 600 ألف كرونة للأسرة. وستُطبَّق رقابة مشددة لتجنّب أي تلاعب أو احتيال.

اللافت أن البرنامج لا يخص طالبي اللجوء المرفوضين، بل يُوجَّه أساساً لمن يحملون إقامات قانونية دائمة أو مؤقتة ويختارون العودة طوعاً.

نقاش مفتوح بين الكرم والرسالة السياسية

في حين تعتبر الحكومة أن الخطة “فرصة كريمة لإعادة بناء الحياة في الوطن الأم”، يرى آخرون أنها رسالة مبطنة تقول للمهاجرين: “ربما حان وقت المغادرة”.
وبين الرغبة في ترشيد الهجرة وضمان العدالة الاجتماعية، تبقى الحقيقة أن المال وحده لا يشتري الانتماء، ولا يمكنه أن يعوّض عن شعور بالأمان والانتماء الذي وجده الكثيرون في السويد.

المصدر: دال ميديا