في واحدة من أبشع الجرائم العنصرية التي شهدتها العاصمة السويدية، تبدأ محكمة ستوكهولم الابتدائية النظر في قضية أربعة شبان يُحاكمون بتهمة تنفيذ سلسلة هجمات نازية استهدفت مهاجرين، من بينهم السوري-السويدي محمد العوض الله، الذي تعرّض للركل على رأسه حتى فقد الوعي.
محمد، الذي لجأ إلى السويد قبل عشر سنوات هرباً من الحرب، عبّر في حديثه لصحيفة Dagens Nyheter (DN) عن مرارة التجربة قائلاً:
“أنا فخور بجنسيتي السويدية، لكن الآن أشعر أنه من الصعب أن تكون مهاجراً هنا. أحب السويد، لكن لا أعرف إن كانت السويد تحبني.”
اعتداء وحشي خلّف ندوباً لا تُنسى
وقع الهجوم في ليلة 27 أغسطس الماضي وسط ستوكهولم. وبينما كان محمد يسير وحيداً، باغته أربعة شبان وانهالوا عليه بالضرب المبرح والركل على الرأس.
استيقظ في المستشفى بعد أن فقد وعيه، مصاباً بكسور في الأسنان وفقدان مؤقت للسمع. يقول: “منذ ذلك اليوم لا أستطيع المشي في الشارع دون أن ألتفت حولي من كل زاوية.”
كاميرات المراقبة وثّقت المعتدين وهم يؤدّون التحية النازية بعد الهجوم، فيما أظهرت التحقيقات أنهم ينتمون إلى مجموعة يمينية متطرفة تُعرف باسم Aktivklubb Sverige. كما هاجموا في الليلة نفسها رجلاً أسود وآخر من أصول شرق أوسطية، وسط شتائم عنصرية وضحك هستيري.
“السكوت لم يعد خياراً”
رغم خوفه في البداية من الظهور علناً، قرر محمد لاحقاً التحدث باسمه الحقيقي بعد أن علم أن المهاجمين قاموا بأداء التحية النازية أثناء الاعتداء.
يقول: “شعرت بالإهانة… لم يكن الأمر مجرد شجار، بل اعتداء لأنني مختلف عنهم.”
اتهام للخطاب السياسي
محمد يرى أن الخطاب السياسي المتشدد حول الهجرة شجّع هذه المجموعات على تصعيد عنفها.
“عندما يُحمَّل المهاجرون مسؤولية كل مشاكل المجتمع، يصبح من السهل على المتطرفين أن يبرّروا كراهيتهم”، يقول محمد.
ويرى الباحث فريدريك كوبش من مركز “تيمبرو” للأبحاث أن السياسيين، من اليمين واليسار، يتحمّلون جزءاً من المسؤولية، موضحاً أن “اللاجئين كانوا يُوصَفون سابقاً بأنهم بحاجة إلى الحماية، أما اليوم فيُقدَّمون كغشّاشين أو مجرمين، وهذا ما يغذي التطرف.”
ردود الأحزاب
النائبة تيريزا كارفالو عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قالت: “نفهم شعور محمد تماماً، لكن الحديث عن سياسة هجرة منضبطة لا يعني القبول بخطاب الكراهية.”
أما وزير العدل غونّار سترومر من المحافظين فأكد أن “الصرامة في سياسة الهجرة ضرورية لتحقيق اندماج حقيقي ومكافحة التطرف في الوقت نفسه.”
في المقابل، رفض حزب ديمقراطيي السويد (SD) التعليق على الحادثة، معتبراً أنه “ليس من المناسب التعليق على قضية فردية.”
بين الألم والإيمان بالعدالة
رغم معاناته الجسدية والنفسية، يقول محمد إنه لا يزال يؤمن بالعدالة السويدية:
“الشرطة تعاملت معي بإنسانية كبيرة، وهذا هو الوجه الجميل للسويد… الوجه الذي يدافع عن الديمقراطية والانفتاح. وأؤمن أنه في النهاية هو من سينتصر.”
المصدر: صحيفة Dagens Nyheter السويدية (DN)






