## حين يتجمّد التمويل مئات الوظائف على المحك في السويد…

لم تكن رحلة ماريا كولمار نحو حياة مهنية مستقرة طريقاً ممهداً. أعوام طويلة من التعثر الدراسي، ومحاولات فاشلة للعثور على عمل، وتدخلات رسمية لم ترافقها مراعاة حقيقية لاحتياجاتها المرتبطة باضطراب طيف التوحد… كل ذلك دفعها إلى حافة الانعزال وفقدان الثقة بإمكانية بناء مستقبل مهني.

لكن الحياة أخذت منعطفاً غير متوقع. فبعد لقاء عابر داخل جمعية محلية معنية بذوي التوحد، تعرفت ماريا على شركة اجتماعية تُدعى “سبيشاليستبيرون”، تعمل على دعم الأشخاص ذوي القدرة الوظيفية المحدودة وإدماجهم تدريجياً في سوق العمل. خطوة بعد أخرى، استطاعت ماريا أن تشق طريقها داخل هذا النظام، حتى أصبحت اليوم مديرة تشغيل لمقهى “نيوفيكيت” في هالمستاد، وتعمل بدوام كامل بعد سنوات من الإحباط.

ومع ذلك، يخيّم اليوم تهديد جديد لا علاقة له بقدرتها أو تفانيها، بل بقرار حكومي لم يُراجع منذ خمسة أعوام. فالشركات الاجتماعية والمقاهي التي تعتمد على ما يُعرف بـ “لونيبيدراغ” – وهو دعم حكومي يغطي جزءاً من رواتب العاملين ذوي القدرة المحدودة – تواجه مخاطر كبيرة بسبب بقاء سقف الدعم ثابتاً عند 20 ألف كرون للوظيفة الكاملة، رغم ارتفاع الرواتب والتكاليف التشغيلية عاماً بعد عام.

رئيسة منظمة “سكووبي”، أولريكا بيرشون، تؤكد أن عدة مؤسسات بدأت بالفعل بإغلاق أبوابها، لأن الدعم لم يعد كافياً لسد الفجوة المتزايدة بين التكاليف والدعم الحكومي. والنتيجة المباشرة: موظفون يعودون إلى البطالة بعد أن خطوا خطوات صعبة وثمينة نحو سوق العمل.

فآلية الدعم تعتمد على أن تعوّض الدولة صاحب العمل عن الجزء الذي يعجز الموظف عن تغطيته بسبب قدرته المحدودة. لكن عندما يتجاوز الراتب 20 ألف كرون، يتحول الفارق إلى عبء مالي كبير، ومع غياب أي تعديل سنوي لقيمة الدعم، تصبح استمرارية هذه المشاريع على المحك.

محتوى مرتبط:  ❄️ عاصفة بيضاء تربك الطرق السويدية… صباح فوضوي وتحذيرات تمتد حتى الظهر

اليوم، تجد ماريا ومئات غيرها أنفسهم أمام واقع مؤلم: العمل الذي أعاد إليهم الثقة وفتح لهم باب سوق العمل قد يختفي، ليس لأنهم غير قادرين على أداء مهامهم، بل لأن الدعم الحكومي الذي يقوم عليه هذا النظام توقف عن مواكبة الواقع الاقتصادي المتغير.

المصدر: SVT