في خطوة وُصفت بأنها الأقوى منذ عقود في تاريخ المساعدات السويدية، أعلنت الحكومة اليوم عن إعادة هيكلة شاملة لسياسة الدعم الخارجي، تتضمن إيقاف المساعدات طويلة الأمد لخمسة بلدان وإغلاق ثلاث سفارات خلال العامين القادمين.
خلال مؤتمر صحفي، أوضح وزير المساعدات والتجارة الخارجية بنيامين دوسا أن السفارات السويدية في بوليفيا وليبيريا وزيمبابوي ستتوقف عن العمل كلياً مع حلول 2026، مؤكداً أن الإجراءات تدخل ضمن مسار جديد يهدف إلى تركيز الجهود بدلاً من تشتيتها كما كان في السابق. واعتبر أن سياسات المساعدات القديمة كانت تُدار “كأنها رشّاش مياه يوزع الدعم بلا تركيز”.
لماذا أُوقفت المساعدات؟
تتجه السويد الآن لإنهاء دعمها طويل الأجل لكل من تنزانيا، موزمبيق، زيمبابوي، ليبيريا وبوليفيا. هذه الدول كانت ستحصل على 700 مليون كرون في 2026 و900 مليون كرون في 2027، لكن الحكومة ترى أن النتائج لم تكن بمستوى الاستثمارات التي استمرت لعقود.
وأشار دوسا إلى أن غياب التنمية الفعلية في تلك البلدان يجعل الاستمرار في الإنفاق أمرًا يصعب تبريره، مضيفاً أن السويد “ضخت عشرات المليارات دون رؤية تغيير واضح”.
التحويل إلى أوكرانيا: أولوية مطلقة
القرار لا يأتي بمعزل عن تحوّل كبير في أولويات السياسة الخارجية السويدية، إذ ستتجه نسبة ضخمة من الأموال المحفوظة من خفض المساعدات إلى دعم أوكرانيا.
وتخطط الحكومة لرفع الدعم الموجه لكييف إلى ما لا يقل عن 10 مليارات كرون عام 2026، أي حوالي خمس إجمالي ميزانية المساعدات التي ستبلغ 53 مليار كرون بعد تخفيضها. وقال دوسا بوضوح: “لا نملك أموالاً بلا حدود، وإذا أردنا تمويل أوكرانيا فلا بد من إعادة توزيع الموارد”.
هل للأسباب السياسية دور؟
وعند سؤاله إن كانت التوجهات السياسية لتلك الدول أثرت على القرار، نفى دوسا ذلك بشكل مباشر، لكنه شدد على أن غياب التطور الفعلي يجعل الاستمرار في الدعم غير مبرر.
القرار أثار نقاشًا واسعًا، خاصة أن بعض الخبراء يرون أن الجمع بين المساعدات الإنسانية والتنموية يحقق أفضل النتائج.
انعكاسات القرار… وضغوط على الأنظمة الحاكمة
في تنزانيا، كانت المعارضة قد طالبت سابقاً السويد بوقف المساعدات عقب أحداث عنف مرتبطة بالانتخابات، ورغم أن الحكومة السويدية لم تربط قرارها بهذه التطورات، إلا أن دوسا أقر بأن الخطوة قد تشكّل “ضغطاً اقتصادياً غير مباشر”.
وأشار كذلك إلى إمكانية إعادة النظر في القرار إذا قامت هذه الدول بإصلاحات جادة في المستقبل.
أما المساعدات الإنسانية العاجلة مثل الغذاء واللقاحات والملاجئ، فستستمر فقط في الدول التي تواجه أزمات حادّة، علماً أن تنزانيا لا تتلقى حالياً هذا النوع من الدعم.
المصدر السويدي: وكالة الأنباء TT





