فضيحة داخل “ترافيك‌فركت”: عشر سنوات من الحسابات الخاطئة في مشاريع النقل الكبرى

كشف تحقيق جديد عن خطأ جسيم في النماذج الحسابية التي استخدمتها هيئة النقل السويدية (Trafikverket) لتقييم مشاريع البنية التحتية على مدى عقدٍ كامل، ما أدى إلى تقديرات غير دقيقة لمنافع بعض المشاريع وتوجيه أموال ضخمة في اتجاهات قد تكون خاطئة.

الهيئة كانت قد أعلنت مؤخرًا عن خطة النقل الوطنية الجديدة للاثني عشر عامًا القادمة بميزانية ضخمة بلغت 1171 مليار كرونة، تُخصص نصفها تقريبًا لتطوير الطرق والسكك الحديدية، بينما تُرصد البقية لأعمال الصيانة. لكن خلف هذه الأرقام اللامعة، كان هناك “خلل” في أحد أهم نماذج التقييم التي تبني عليها الهيئة قراراتها.


🔍 خطأ امتد لعقد من الزمن

بحسب ما كشفته محطة Ekot، استخدمت الهيئة على مدى نحو عشر سنوات نموذجًا للتنبؤ بالنفع الاقتصادي للمشاريع تبيّن أنه يحتوي على أخطاء في المعايرة ومعالجة البيانات.
الأستاذ والخبير في الاقتصاد العام يان-إريك نيلسون من معهد البحوث الطرقية (VTI) وصف ما حدث بأنه “فضيحة حسابية حقيقية”، وقال:

“القيم التي اعتمدت عليها الهيئة ببساطة غير واقعية، خصوصًا في تقديرها لقيمة الوقت أثناء الرحلات العملية. لقد بالغوا إلى حدٍ groteskt.”

فالنموذج كان يقدّر قيمة كل ساعة يوفرها العامل أثناء السفر لخدمة عمله بـ 20 ألف كرونة، في حين أن القيمة الواقعية لا تتجاوز 400 كرونة في الساعة. هذا الخطأ وحده كفيل بتغيير ترتيب أولويات المشاريع بين ما يُعتبر مربحًا وما يُستبعد.


🚧 نتائج “مؤسفة” على قرارات الاستثمار

ترافك‌فركت اعترفت في وثائق رسمية بأن الأخطاء أدت إلى المبالغة في فوائد مشاريع السكك الحديدية بنسبة تصل إلى 20٪، في حين تضررت مشاريع الطرق التي كان يُفترض أن تحصل على تمويل أكبر.
الهيئة أرجعت السبب إلى اعتمادها الطويل على شركات استشارية خارجية في تطوير النماذج، مما خلق نقصًا في الشفافية وضعفًا في الرقابة الداخلية.

محتوى مرتبط:  تهريب بملايين الكرونات على متن القطار.. سقوط “المرأة الفرنسية”

وأضافت في بيانها:

“منذ عام 2020 بدأنا نقل تطوير النماذج داخل الهيئة نفسها، وهذا ما سمح لنا أخيرًا باكتشاف الأخطاء وتصحيحها.”


🧮 “خلل صغير أم خطأ منهجي؟”

من جانبه، حاول مدير الأهداف في الهيئة يوناس إيلياسون التقليل من حجم الفضيحة، واصفًا المشكلة بأنها مجرد “بَغ” في النظام، وقال إن تأثيرها “ضئيل جدًا ولا يخرج عن هامش الخطأ الإحصائي المعتاد.”

“جميع الأنظمة الضخمة تحتوي على أخطاء صغيرة، لكننا اكتشفناها وعدّلناها في الوقت المناسب قبل اعتماد الخطة النهائية.”

وأوضح أن التعديلات شملت إعادة تقييم حوالي عشرة مشاريع فقط من أصل مئتين، وأن بعض المشاريع “تحركت بضع مراتب في ترتيب الأولويات، دون أن يتأثر القرار النهائي جذريًا.”


⚠️ فقدان الثقة هو الخطر الأكبر

لكن البروفيسور نيلسون يرى أن الضرر الحقيقي لا يكمن في الأرقام نفسها، بل في الثقة السياسية:

“إذا بدأت الحكومة تشكّ في دقة هذه الحسابات، فسنخسر أهم أداة علمية لاتخاذ القرارات في الاستثمارات العامة.”

وحذّر من أن أي فقدان للمصداقية في حسابات الجدوى الاقتصادية سيؤثر على طريقة تمويل المشاريع لعقود قادمة.


📊 بين تبرير الهيئة وغضب الخبراء

الهيئة تصر على أن الوضع بات تحت السيطرة، وأن الأخطاء جرى تصحيحها ضمن خطة Nationell Plan 2026–2037، لكن أصوات الخبراء ترى أن المشكلة تكشف خللًا أعمق في إدارة المعرفة داخل المؤسسة، حيث تُتخذ قرارات بمليارات الكرونات على أساس حسابات غير مدققة لعشر سنوات كاملة.


🧾 خلاصة

  • هيئة النقل السويدية استخدمت نموذجًا معيبًا لحساب المنافع الاقتصادية للمشاريع منذ نحو عشر سنوات.

  • الأخطاء أدت إلى مبالغة في تقدير فوائد السكك الحديدية وتهميش استثمارات الطرق.

  • الهيئة تصف ما حدث بأنه مجرد “خلل برمجي”، فيما يعتبره الخبراء “خطأ منهجي خطير”.

  • الخطر الحقيقي، كما يحذر المختصون، هو تآكل الثقة في دقة الحسابات الحكومية التي توجه مليارات الكرونات من أموال دافعي الضرائب.

محتوى مرتبط:  الحكومة السويدية تقترح رقمًا غير متوقع لمن يفكر بالعودة الطوعية

المصدر: TN – Ekot – Trafikverket – Statens väg- och transportforskningsinstitut (VTI)