تتحرك واشنطن بخطى سريعة نحو إعادة رسم سياستها تجاه دمشق، في تحول يوصف بأنه الأكبر منذ أكثر من عشرين عاماً. فبعد عام على سقوط النظام السوري السابق وصعود حكومة أحمد الشرع، بدأ البيت الأبيض حملة مكثّفة لإقناع الكونغرس بإلغاء ما تبقّى من العقوبات، وعلى رأسها قانون “قيصر”، الذي كان رمزاً للضغط على النظام السابق.
الرئيس دونالد ترامب، الذي رفع معظم العقوبات عبر أمر تنفيذي سابق، قال إن “سوريا تستحق فرصة جديدة للعودة إلى الحياة بعد عقدٍ من الدمار”. لكنه أشار إلى أن إلغاء قانون “قيصر” يتطلب قراراً من الكونغرس، وهو ما يعمل عليه فريقه حالياً بكل قوة.
قانون “قيصر”، الذي استند إلى صور ضحايا التعذيب في سجون النظام السابق، مثّل أداة ضغط قاسية لعزل دمشق اقتصادياً وسياسياً. غير أن إدارة ترامب ترى اليوم أنه “تحوّل من وسيلة أخلاقية إلى عائق أمام إعادة الإعمار والاستقرار”، كما صرّح المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك، داعياً إلى “إطلاق أكبر مشروع إعادة إعمار منذ أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية”.
ووفق موقع مونيتور، فإن البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة يمارسون ضغوطاً مكثفة على الكونغرس لإلغاء القانون، بينما يجري براك اتصالات مع شخصيات جمهورية بارزة لحشد التأييد.
لكن الطريق ليس سهلاً. فداخل الكونغرس ما زالت الشكوك قائمة تجاه حكومة الشرع التي تشكلت في يوليو الماضي، حيث يصر بعض النواب على ربط رفع العقوبات بتحقيق تقدم في مكافحة تهريب المخدرات وضمان حماية الأقليات.
اللافت أن حملة الإلغاء وحّدت أصواتاً متباينة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بل وحتى منظمات سورية أميركية كانت قد دعمت القانون سابقاً. وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية: “من قيصر نفسه إلى عائلات الضحايا، الكل اليوم يطالب بإلغاء القانون لإنقاذ ما تبقّى من البلاد”.
في المقابل، تواصل جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل معركتها للإبقاء على العقوبات، معتبرة أن سوريا ما زالت تشكل تهديداً لأمن إسرائيل والمنطقة. وكشفت مصادر دبلوماسية أن مسؤولين إسرائيليين، بينهم رون ديرمر، أجروا اتصالات مع مشرعين أميركيين لحثهم على التصويت ضد الإلغاء.
أما في مجلس الشيوخ، فالمعركة تتخذ طابعاً قانونياً معقداً. فقد أدرجت السيناتور الديمقراطية جين شاهين تعديلاً ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني لإلغاء “قيصر”، بينما رد الجمهوري ليندسي غراهام بتعديل مضاد يفرض شروطاً صارمة على الحكومة السورية، منها طرد المقاتلين الأجانب وضمان عدم تهديد إسرائيل.
مصدر في إدارة ترامب أكد أن هذه الشروط “قد تعرقل الاستثمار وتؤخر التعافي الاقتصادي”، مضيفاً أن الرئيس مصمم على تمرير الإلغاء قبل نهاية العام، ما سيشكل ـ بحسب وصفه ـ “نقطة تحول تاريخية في علاقة واشنطن بسوريا الجديدة”.
المصدر: موقع مونيتور (Monitor)






